(نسيمُ القبر)
وطني وليس في القـلبِ ما يـدانيهِ
نَرويهِ بالدماءِ لا بالماءِ نَرويهِ
نسيمُ القبرِ قدْ عبقتْ نوافحُهُ
فزادَ من أشواقي إلى الثرى فيهِ
فإذا ثغرُهُ بابتسامٍٍ يحاورُني
كما استوقظتْ بتحنانٍ مآقيهِ
وطنٌ إذا ما نادى نهلٌّ تلبيةً
يا فرحةَ القلبِ لصوتٍ يناديهِ
لبيكَ يا وطني والروحُ أهديها
وشوقي إلى الرمسِ ما عدتُ أُخفيهِ
فاستقامَ الحلمُ في هوى جوانحي
هذا يومي الذي طالتْ أمانيهِ
إنْ لم أُهدكَ يا وطني جوارحي
فلا جدوى للجسدِ حتى أغلّيهِ
وما المسـكُ الذي طابَ لعـاطـرهِ
إلا أجسادٌ نالتْ من فواحيهِ
غير أنّ ما حدَّ من فرحي ويحزنُني
أن يقتلَني مَن كانَ بقلبي أأويهِ
إذا ما استلهمتُ كانَ قافيتي
والقدحُ الذي يشربُني كانَ يُسقيهِ
مضتْ بنا الأيامُ مثلَ راحلتي
و غدي المأمولُ كانَ من وحيِ ماضيهِ
كُنتُ وإياهُ والوطنُ ثالثُنا
ودمهُ تنسابُ في عروقي مجاريهِ
أينَ دقاتُ العودِ كانَ يطربُنا
وبدرُ الخيامِ في البرِّ أماسيهِ
قيثارةٌ تنشدُ بالهُيامِ مسمعَنا
والشعرُ تغنَّى في أبهى لياليهِ
فما الذي تردَّى حتى تراودَهُ
تلكَ المجامحُ من فكرٍ يجاريهِ
أرادوهُ طيِّعاً في الغي مرتحلاً
بين المنايا في غياهبَ التيهِ
من ذا الذي أسـدَى له صنـائعـهُ
ليكونَ في البرايا مِن مواليهِ
حتى إذا استقامَ للشرِ عُودُهُ
أطلقَ العنانَ ولا شيئاً سيثنيهِ
حتى عَجِبتُ لبِاسمِ الدينِ مسلكهمْ
والدينُ براءٌ من مجرى تعديهِ
كيفَ استباحوكَ يا وطني قاحلاً
يا عروسَ الكونِ وألقاً من لآليهِ
ستبقى ندياً فالوردُ في مزاهرهِ
أشواكٌ . لكنْ ربَ السما يحميهِ
تباركَ اللهُ أهداكَ من مقادرهِ
رياضَ الحُسنِ درّاً من دراريهِ
دارتْ رواحي الموتِ غيرَ عابئةٍ
ليرتاعَ في دَمي مَن كانَ يدميهِ
ثمَّ خالَ أنَّ الانتصارَ قدْ دانَ
وكم ْمن وهمٍ تولّى عن مساعيهِ
وإذا ما ظنَّ في (الدّمامِ) مكمنَهُ
كانتْ (الدّمام) على موعدٍ تُأبّيهِ
جذوةُ النيرانِ عليهِ محرقةٌ
فمنْ أرادَ النارَ نَقضي أمانيهِ
وما أنا بالذي يخشى لهامتهِ
أنا المغوارُ الذي تدنو قواصيهِ
ما احتفاظي بجسدٍ كادَ يعرفني
لأجلِكَ يا وطني أتيتُ أُفنيهِ
وطنٌ إذا ما نادى أتينا نُلبي
نَرويهِِ بالدماءِ لا بالماءِ نَرويهِ
إنّا جعلنا للإرهابِ مقبرةً
في كلِ صوبٍ ستؤتى نواصيهِ
أماهُ : لا تبكِي فإنّ الموتَ يُحيني
كلُ شهيدٍ ما انفكَ عندَ باريهِ
نمْ يا بنيّ وقدْ ترتبتْ يداكَ
وخَسِئَ الذي نالتْ منكَ أياديهِ
دمُكَ المخضوبُ للأنامِ مفخرةٌ
ويا فرحةَ القبرِ إذا حلَّ واريهِ
أستشفُ الضادَ بمدمعِ الثكلى
وقدْ ناحتْ على الرثاءِ قوافيهِ
سأُوقفُ الدمعَ والروحُ مشرقةٌ
يا سعدَ مَن كانَ الريّانُ وَاديهِ
...............................
...............................
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :