Rainbow Text Generator - http://www.myrainbowtext.com

إلى المتنبي


إلى المتنبي

اغتالوكَ بعدَ المماتِ أيها المتنبي

جارتْ عليكَ الألسنُ فالله ُحسبي

من العجبِ أنَّ ينالكَ غيرَ محتجبٍ

يَزعمُ الفصاحةَ أو يتداعى بالأدبِ

يا أشعرَ الشعراءِ: لقدْ ضاعتْ هويتُنا

من مارقٍ في القوافي  غيرِ منتسبِ

يلقي بالزهراتِ إلى غيرِ مَن ندعو

و يلقي بالثرى على شعرِك الذهبي

فلا الزهراتُ قدْ أهدتهُ من عبقٍ

و لا الثرى نالَ من  شعرِكَ الذهبي

بنيتَ بموتكَِ للشعراءِ مدرسةً

بيتُكَ المشهودُ قدْ أتاكَ بالكربِ

السيفُ و البيداءُ و الرمحُ في وجلٍ

كأنهمْ في حِلفٍ أنْ يأتوكَ بالنصَبِ

(فاتكُ الأسديُ ) لم تخشَ له وبلاً

حتى أرداكَ فوقَ السحابِ و الشهبِ

إذا كانتْ لقصورِ الشِعرِ مملكةٌ

فأنتَ المليكُ بلا هفوٍ ولا ريبِ

كأنَّ الشعراءَ في الماضي ما سمعوا

و لا شعراءَ هذا اليومِ مِن طربِ

إذا أنشدتَ كانَ الصمتُ في نصتٍ

وإذا انتهيتَ كان الصمتُ يصطخبِ

(أبا المحسدِ): وفي دراريكَ يا درُّ

علياكَ يا فارسَ الكلماتِ في السحبِ

هجوتَ (كافورَ) و لم تأبهْ عداوتَهُ

وأطلقتَ العنانَ فيهِ غير مرتهبِ

و لم تسلُ قوافيكَ ما لكَ من شيمٍ

و إنْ كانَ المديحُ لغيرِكَ المرتقبِ

هامَ (سيفُ الدولةِ) بالشعرِ مفخرةً

يا سعدَ بني حمدانَ بشعرِكَ الطنبي

أقرضتَ الشعرَ في المجالسِ متكئاً

فكشفَ الوشاةُ عن حقدٍ و عن غضبِ

ولما لا و أنتَ من تزدادُ منزلةً ؟

أنتَ المليكُ وهو الأميُر في حلبِ

تجلى لكَ التاريخُ مِن وصفِكَ المجدَ

و الرومُ يومَ العزةِ في قبضةِ العربِ

فما ضرَّكَ لو ذلَّ داجٍ على عَثَرٍ

كمن يسعى للحربِ والرمحُ من خشبِ

يا أشعرَ الشعراءِ: على الوهمِ قدْ وثبوا

ولاجدوى للواثبِ في الوهمِ من وَثبِ

نمْ في ربا المجدِ لا تبالِ بالذي

ظنَّ أنْ يدنوكَ من كُوخهِ الخربِ

صحيحٌ.  ضاعَ من يدينَا ألفُ مجدٍ

وصرنا في هوانٍ مِن إمرةِ الغربِ

ولكنَّ في الأوراقِ لم تزلْ هويتنا

وبعضُ الرموزِ نارٌ على شهبِ

فإذا ما تغلَّى وظنَّ فيكَ من إربٍ

إنبرى الرهطُ فضاعَ المرادُ مِن إربِ

كيفَ تنالُ مِن روابيكَ شرذمةٌ ؟

مَن ينالُك على مرِ العصورِ والحقبِ؟

أنهارُ شعرِكَ كم طابتْ لنا عذباً

فإذا ما شَرِبنا نثملُ من العجبِ

كلُ بيتٍ يحملُ في طياتهِ ألقاً

ونسائمُ البساتينِ مِن نبعِكَ العذبِ

فليسَ كلُ ما قِيلَ في الشعرِ يطربُنا

ولا كلُ قبسٍ مِن النيرانِ يَلتهبِ

فيكَ البيانُ وأنتَ البيانُ و الحِكمُ

وكلُ حرفٍ ألفٌ من أروعَ الخُطبِ

يا سيدَ الشعراءِ: جرتْ على مذابحَنا

خنازيرُ الأرضِ في الشرقِ والغربِ

و صارَ الرثاءُ على الماضي يحرقُنا

و كانتْ قوافيكَ على العزِ و الغَلَبِ
..............................

ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :