تقديم :
الشعر مرآة الشاعر وإخبار عن شخصيته متى ورد خالياً من الشوائب والطلاسم وجاء في ألفاظ جميلة ذات جرس موسيقي خلاب سواء انتمى لهذه المدرسة أو تلك، المهم أن تقرع له الأذن و أن تذوب فيه الحواس.ولقد آثرت أن أغوص في تلك المعاني( بفيضان) من خلال الحنين والأنات المبعثرة والتي تعبر عن خلجات نفسي من مشاعر ذاتية تنصهر في جمر تارة وفي الندى تارة أخرى و أنا واقف على معبر الذكريات. وفي سجل هذا التلاحم بين الكلمة والشعور هاضت جوانحي على الأيك من فرط الآه فصرت أرقب النهر وأكتب بمداده العذب لحظات الحنين و أرقب البحر لأكتب بمداده الأحاجي همومي وأحزاني ولم أسلُ بين هذه و تلك إخوانيات الشعر ، فما بين النهر و البحر فقدت شراعاتي و لم أدرك الشاطئ ، فها أنا ذا بين المد والجزر في دنيا الشعر.
سألت نفسي مرارا عن العلاقة بين الشعر و القانون هل أنا شاعر أم رجل قانون وأخيرا وجدت العلاقة بينهما فكلاهما يدافع عن حق أو يحميه وإن كان الشعر يعني بالإنسان عموما والقانون يعني بالإنسان صاحب المركز القانوني فقط.. إذاً فالشعر لدي أعمق.
لم أراعِ في هذا الديوان التسلسل الزمني للقصائد ، فهناك اعتبارات رأيتها أولى في ترتيبها ، ولقد نهلت من مدارس الشعر المختلفة من الشعر العمودي في معظمه إلى شعر التفعيلة في القليل منه ليس لغرض فميلاد القصيدة يأتي في أي شكل بلا موعد أو قيد ، المهم لدي أن تكتمل الوحدة العضوية والغوص فيما وراء المرآة وأعزف تلك المشاعر على أوتار الناي المتأجج على الذكريات سواء تعلقت بالمرأة الطروب أو بأنات الوطن أو فلسفة الحياة في إطار من الانصهار بين الذات والقصيدة.
فثمة شوارد يخلد إليها الإنسان إذا جرى عليه الزمان سواء بلسان الأديب أو بريشة الفنان أو حتى بالصمت إن ضاقت به الكلمات .
والواقع أن ليس لي مثل شعري محدد أنهل منه النهج اللغوي والبياني ذلك أن لكل شاعر ذاتيته التي تتجلى في أعماق عمقه الحسي و التي تعد كبصمة الإصبع من أن
تتطابق أو تتشابه وإلا سوف يتوقف أجمل فنون الأدب وإن كنت أعرب عن ميلي للشعر العمودي في أغلب ما كتبت.
كمْ رويتُ وماءَ النهرِ أسكبهُ
نفدَ النهرُ وما حصدتُ ورودْ
أنا ابنُ المجدِ و لستُ أبلغهُ
كميثاقِ عهدٍ بغيِر بنودْ
دروبُ المعالي كيفَ أُدركُها
فوقَ المنايا وفوقَ السدودْ
تلك هي حروفي آملا من الله أن تنال استحسان من يقرأها.
عبد الرحمن أبوالمجد